تفاصيل النموذج

صباح الحرف (الإنسان ثم المكان)

بجوار جبل أحد نشأ مع الزمن حي سكني، تقول عنه هيئة تطوير المدينة المنورة إنه ليس عشوائياً بالمعنى العام، ولكنه أيضاً ليس مخططاً تخطيطاً حديثاً، سكانه غالباً من أهل المنطقة، ويملكون صكوكاً على أراضيهم وأغلب البيوت في حال إنشائية جيدة. أمير المنطقة فيصل بن سلمان يروم تطوير الموقع، وقد قاربت المرحلة الأولى من أعمال تطوير «ميدان سيد الشهداء» على الانتهاء، شاملة صيانة وتطوير وتأهيل الأرصفة وممرات المشاة ومواقف للسيارات وأخرى للحافلات وكذلك مواقف للنقل الترددي والباص السياحي «الذي سينطلق قريباً». أحد أصحاب المنازل الصغيرة المطلة على الساحة رجل كبير في السن، عاطل عن العمل، ومسجل لدى التأمينات الاجتماعية للحصول على المساعدة الحكومية، وهو والد لبنات لم ينلن حظهن في فرص العمل. هذا الرجل كان لديه «دكانان» أو محلان صغيران أسفل بيته تم إقفالهما من البلدية لأن مبناه ليس تجارياً، وعندما بدأت هيئة تطوير المدينة العمل المسحي للمنطقة ودرس أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية والبيئية كما تفعل دوماً، التقت الرجل وسألته: «لو فتحنا هذه المحال بعد تطوير الموقع وواجهات المنازل بما يتلاءم مع مكونات المشروع ماذا ستفعل؟»، أجابهم بأنه سيعمل في أحد المحلين بنفسه، وسيؤجر الآخر، وسيستغني عن التأمينات الاجتماعية. وحصل بالفعل أن ضغطت الهيئة، أو يجدر بي القول مارس الحاكم الإداري الذي يترأس الهيئة صلاحياته الإنسانية وطلب من البلدية أن يكون لأصحاب المنازل المحتاجين للعمل والرزق وضع استثنائي، بحيث لا تكون المسألة مواقع تجارية بقدر ما هي جزء من منظومة تطوير إنسانية مكانية سياحية ثقافية شاملة. المشروع سيتضمن «مباسط» منظمة للباعة الموجودين في الميدان بعد درس أوضاعهم وتوزيعها عليهم بعد درس حالاتهم، كما سيتم تخصيص مواقع للأسر المنتجة وكذلك مواقع للباعة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وعلمت أن لأهل الحي الأولوية، وبالذات ممن لا يملك وظيفة أو مصدر رزق، وسيقوم بالعمل بنفسه. أعمال المرحلة الأولى ستطور واجهات المباني المطلة على الميدان وهي 45 مبنى لتحسين الرؤية البصرية ضمن برنامج أنسنة المدينة المنورة لإيجاد مواقع داخل المدينة وتهيئتها وتوظيفها لجعلها بيئة صحية ومريحة للإنسان وصديقة له لما في ذلك من مردود إيجابي واجتماعي واقتصادي وبيئي وأمني. عندما تضع التنمية الإنسان أولاً يتحقق نجاح أعمق، هذا ما حدث ويحدث في طيبة الطيبة في أكثر من مكان يجري تطويره، وعندما يعمل حاكم إداري ديناميكي ومثقف تحت قيادة ملك مثقف، يتحقق نماء حقيقي ومؤثر.