تفاصيل النموذج

جوائز حضارية

جوائز حضارية
من الأحداث اللافتة على المستوى الحضاري العالمي فوز مشروعين في المدينة المنورة بجوائز أعتبرها إنسانية ثقافية بامتياز، إذ توّجت مؤسسة الجائزة العالمية للمجتمعات الحيوية المعتمدة لدى برنامج الأمم المتحدة، للبيئة برنامج «أنسنة المدينة» في هيئة تطوير منطقة المدينة المنورة بالجائزتين الذهبية والفضية، عن فئة المشاريع الملتزمة بتطبيق أفضل الممارسات العالمية في إدارة البيئة المحلية والمجتمعات الحيوية. مشروع تطوير وتأهيل حي حمراء الأسد حصل على الجائزة الذهبية، فيما منحت الجائزة الفضية لمشروع تطوير وتأهيل جادة قباء في المنافسة على الجائزة التي شهدت مشاركة أكثر من 80 مدينة ومشروعاً حول العالم في دورة العام 2018 التي استضافتها القاهرة الأسبوع الماضي. أهمية هذه الجوائز تكمن في أن المحكمين يقيسون مدى الالتزام باستراتيجيات التخطيط للمشاريع، وأسلوب معالجة التشوهات البصرية وتحسين الصورة العامة، إضافة إلى العناية بالثقافة والتراث، واستخدام أفضل الممارسات البيئية، ومناقشة إسهام المجتمع المحلي في المشاريع التطويرية، وقياس مستوى جودة الحياة في المُدن. البعد الإنساني الثقافي ظهر في مشروع تطوير وتأهيل الحي النموذجي بحمراء الأسد، بحيث تحول هذا الحي بعد الانتهاء من مشاريع التطوير والتأهيل، التي شملت تحسين واجهات المباني وخدمات البنية التحتية، إلى تحفة معمارية وحضارية، ورسمت المنظومة المتكاملة من التطوير والتأهيل ملامح الحي من جديد، وفق الرؤية الاجتماعية والثقافية لبرنامج «أنسنة المدينة»، التي ترتكز على بث الرسائل الإيجابية بين المجتمع المحلي، وتعزيز القيم الإسلامية والحضارية، وتكونت صورة تعكس مستوى التجانس بين الحداثة والهوية العمرانية الفريدة للمدينة المنورة. البرنامج نجح أيضاً في بلورة مشروع تطوير وتأهيل جادة قباء لتكون الجادة بيئة سياحية جاذبة، وخلق مواقع صديقة للإنسان والبيئة، إذ حوّلت هذه الرؤية الطريق إلى مسار آمن للمشاة، فضلاً عن تهيئة الجادة التي احتضنت مجموعة كبيرة من الفعاليات الاجتماعية الثقافية والإبداعية والترفيهية والسياحية. هذا ما يحدث عندما تتشارك التنمية مع الثقافة والفنون والرؤية الحضارية الإنسانية البيئية، وهذا ما يزيد من جودة الحياة، والسعودية مقبلة على الكثير في هذا الجانب بعد إقرار البرنامج وإطلاقه، فهذه الجائزة تهتم بمستوى تطبيق الممارسات المتعلقة بإدارة البيئة المحلية، وتحسين جودة الحياة، ومشاركة المجتمع المحلي في المشروعات التطويرية، والعناية بالثقافة والفنون والتراث، وإيجاد المجتمعات الحيوية المستدامة. إذا واصلت السعودية برامجها لجودة الحياة، ونالت الثقافة والفنون والأبعاد الحيوية نصيبها من الحضور في المدن، وأعيد النظر في موقع «وسط المدينة» القديم أو الشعبي في غير مدينة سعودية، فستكون هذه الجوائز على موعد سنوي مع المدن السعودية، التي تمتلئ بالكثير مما يمكن استثماره في هذه الجوانب، والأهم أن هناك شغفاً لدى الفرد السعودي في هذه الجوانب، وهناك كثير zن بنود الرؤية السعودية تلتقي وتتقاطع مع كل ذلك. هناك الكثير من المواقع في الكثير من المدن تحتاج إلى إعادة النظر في كيفية إحياء «أنسنتها» التي اندثرت لعوامل كثيرة، وسيكون لتطويرها بالشكل الإنساني أعلاه تأثير بالغ على ثقافة أهلها أولاً، وعلى السياحة إليها ثانياً، ومن قبل ذلك ومن بعد على جودة الحياة فيها أو بالقرب منها.