الخط العربي.. يتوهج ويتوج بالمدينة!
الخط العربي يعد ظاهرة إنسانية لجأ إليها الإنسان منذ أقدم العصور، ويعتبر من أعظم المبتكرات الحضارية في تاريخ البشرية، فهو الوسيلة التي انتقلت بها البشرية من عصور الظلام إلى فجر النور، إذ لا سبيل للتعبير عما يختلج في النفس وتدوين الأخبار والحوادث إلا من خلال الخط.
وقد كانت البداية بطريقة الرسم، ثم ارتقى باستخدام الأدوات والأجسام فالأشكال ثم الرموز، ثم ارتقى التعبير، فاستخدمت المقاطع ثم الحروف، وبمعرفة الخط بدأت حياة الإنسان الموثقة فسجلت ودونت العلوم والحوادث، وبواسطته توسع أفق العلم وبدأ الإنسان يتقدم بخطى سريعة، وتشكلت الحضارات.
والخط هو الأداة والدليل الناطق للغة العربية لغة القرآن الكريم، والأمة العربية تداولت الكتابة العربية بعناية، فجعلت منه فنا مستقلا ثابت الأسس معروف الضوابط.
وقد أقيم مؤخرا «ملتقى المدينة المنورة للخط العربي» - هو الأول من نوعه على مستوى المنطقة بمضمونه الثقافي - ونظمته هيئة تطوير المدينة المنورة على مدى أسبوعين، حيث اختتمت فعالياته يوم الاثنين الماضي.
وكان الهدف أن تكون المدينة المنورة حاضنة لهذا الحدث الذي يجمع نخبة من أشهر الخطاطين على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي، ورفع مستوى الاهتمام في الخط العربي والمساهمة في نقل المعرفة إلى النشء وتكريم الخطاطين الذين حققوا إسهامات بارزة في هذا المجال، خصوصا في القرآن الكريم والمسجد النبوي الشريف، إلى جانب سعي هيئة تطوير المدينة لإيجاد مناشط وفعاليات علمية متميزة ذات مستوى عال للأهالي ولضيوف الرحمن زوار المسجد النبوي الشريف.
وكم كان رائعا أن يعلن في حفل الافتتاح عن توجيه أمير منطقة المدينة المنورة فيصل بن سلمان بإقامة الملتقى بشكل سنوي، مما يعني أن الخط العربي سيستعيد توهجه ويزداد بريقه سنويا من مدينة النور، ويرمز إلى أن هذه المدينة المباركة كانت ولا زالت وستظل منبع إشعاع علمي وفكري وثقافي أبدي.
وحظي هذا التجمع المتخصص بمشاركة 50 خطاطا من المتميزين من السعودية، والكويت، والعراق، واليمن، وسوريا، ومصر، وتونس، وتركيا، في إطار خطة البرنامج الثقافي لهيئة تطوير المدينة المنورة للعناية بالخط العربي والإسهام في تنمية مهارات الخط والزخرفة لدى الهواة والمبتدئين، وتطلع البرنامج إلى تحويل فنون الخط والزخرفة إلى مهنة احترافية.
وضم الملتقى الذي حظي أيضا بمشاركة 8 سيدات من الخطاطات المتميزات في المملكة، فعاليات وورش عمل ومحاضرات إثرائية موجهة إلى الرجال والسيدات عكست حيوية الخط العربي وآفاق الحرف العربي بطريقة فنية.
وبعد تقديم الثناء على هيئة تطوير المدينة المنورة وإزجاء الشكر لأمير منطقة المدينة، أرجو أن يحظى الخطاطون بمزيد من الاهتمام من قبل جهاتنا العلمية ومؤسساتنا الجامعية، وأن يتم منحهم مكانتهم المستحقة كونهم فنانين بكل ما تعنيه الكلمة، فيتم تعيين مستشارين في الوزارات والجهات المعنية كالحرمين الشريفين؛ لئلا توجد أي ثغرة أو خطأ مطلقا، مع التقدير لرئاسة الحرمين كونها سمحت بإقامة دروس لتعليم الخط العربي في المسجد النبوي
للخطاط بشار عالوه، وكذلك مركز الخط العربي بكلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية للخطاط نفسه. وكثرة الإقبال تدل على تلهف عديدين لإتقان الخط العربي وممارسة كتابته.
وهي دعوة ضمنية لإحياء الجمعية السعودية للخط العربي التي يبدو أنها تحتضر، وأمنية أن نشاهد معارض للخطوط العربية، فهي لا تقل شأنا عن بقية الفنون.
وأجدها فرصة لتوجيه النداء إلى وزارة التعليم بأن تعيد مادة الخط إلى مناهجنا، فمن يشاهد خطوط مخرجاتنا التعليمية سيجد للوهلة الأولى أنها مخجلة، بل ومؤسفة في كثير من أحوالها، مما يعني الحاجة لعودة هذه المادة، فهل تفعل وزارة التعليم؟!
- تصفح أخبار الهيئة
- 2019/03/10