المدينة.. تحترم الإنسان
قبل أسبوعين انعقد في المدينة المنورة مؤتمر بعنوان «أنسنة المدن» من تنظيم مركز الملك سلمان للإدارة المحلية وهيئة تطوير المدينة المنورة، وقدمت فيه ورقة عمل عن المرأة والمدينة الشاملة، لعلي أتطرق إليها في مقال لاحق. ولكن ما أود التركيز عليه محور اهتمام المؤتمر وهو ببساطة: الإنسان. وإن كان الأمر قد يبدو بديهيا إلا أنه ليس كذلك على أرض الواقع.
ففي الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة لا يكون الإنسان هو الأهم، بل نجد الخطط والبرامج أهم. وفِي العمارة مثلا نهتم بالحداثة والبيئة والاستدامة. وفِي التخطيط وإدارة المدن نهتم بالمشاريع والبنى التحتية والخدمات. وإن كانت جميعها تقدم للإنسان إلا أنه من السهل أن ننسى ذلك أثناء العمل. فعندما نضع نصب أعيننا الإنسان فإن الاهتمام يمتد للقيم الإنسانية وتوطيدها من خلال البيئة المبنية.
عندما نركز على الإنسان فإننا نوظف التخطيط والتصميم لتوفير جميع احتياجات الإنسان لنتعداها إلى ما يدعو للبهجة والسرور ويرفع من جودة الحياة والرفاهية. هناك أمور كثيرة قد نرضى فيها بالحد الأدنى ونتنازل فيها عن جودة التنفيذ حتى أصبحنا نرضى بالقليل ونفرح عندما يتعدى ذلك بقليل. تعودنا أن طموح ذائقتنا البيئية متواضع ومدننا في الغالب لا تساعد في رفعها.
إن أنسنة المدن، تعنى بالدرجة الأولى بالفضاء العام وتشكيله ليتناسب مع احتياجات وتطلعات السكان من جميع فئات المجتمع. فيشمل ذلك على سبيل المثال توفير الحدائق والمسطحات الخضراء والأرصفة والإنارة والفن العام بشتى أنواعه. تتناغم هذه العناصر لتوفر بيئة جاذبة تشجع على استخدامها وتوفر الفرص للعيش المتناغم في دوائر اجتماعية مختلفة. توفير بيئة آمنة وجاذبة ومتنوعة يشجع كذلك على المشي الذي يحسن الصحة ويبهج ويوفر أحد طرق التنقل داخل الأحياء. إن الأنسنة تعترف بالإنسان وتحترمه، وهذا الاحترام يتحول إلى عنصر أساسي في التصميم. فقد نغطي مساحات كبيرة بالعشب دون تصميم يذكر ونوزع ألعاب أطفال وأماكن جلوس تم اختيارها من كتالوج دون تفكير في الاختيار أو التوزيع ودون محاولة التميز والإحسان في العمل. وفي المقابل، يمكننا أن نتفاعل مع سكان الحي ونفهم احتياجاتهم من خلال سؤالهم ومشاوراتهم فيما يقدم من تصاميم ليشعروا من خلال المشاركة بتقدير لهم وملكية للفضاء تساعد لاحقا في المحافظة عليه والاستشعار بالمسؤولية تجاهه عدا أن أن ما ينتج عن التصميم التشاركي هو أقرب لما يرغبون ويحتاجون. إن الاهتمام بالإنسان من خلال رؤية المملكة ???? وبرنامج جودة الحياة ???? ومؤخرا مؤتمر أنسنة المدن يبشر بالخير ويوجه المسؤولين ومتخذي القرار بوضوح. كل منا يعرف ما قد يدخل البهجة إلى قلبه وعندما نسأل عما نفضل لدينا الجواب. هناك فرص كثيرة لزيادة رفاهية العيش داخل الأحياء والسكان لا بد أن يكونوا جزءا أساسيا من تحقيق هذه الفرص.
- تصفح أخبار الهيئة
- 2018/05/27